كيف تطور الدولار كعملة احتياطية عالمية وهل يمكن استبداله؟
هذا هو "الغيلدر" الهولندي كان أول عملة احتياط في العالم وشكل ثلث إجمالي التعاملات الدولية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشرعندما كانت هولندا قوة سياسية وعسكرية وتجارية وسفنها منتشرة في معظم بقاع العالم
لكن مع انتصار بريطانيا في الحرب "الإنجليزية – الهولندية" الرابعة في الفترة بين ألف سبعمائة وثمانين 1780 وحتى ألف سبعمائة وأربعة وثمانين 1784 أصبحت أكبر قوة اقتصادية وتجارية وعسكرية في العالم
وأصبح الجنيه الإسترليني العملة الأكثر طلبا خاصة مع ربطها بالذهب، وتم استخدامه لتسوية أكثر من نصف التجارة العالمية بحلول عام ألف وثمانمئة وستين 1860
إلا أنه مع نهاية الحرب العالمية الثانية ظهرت الولايات المتحدة كقوة عظمى عسكريا، ومع ربط الدولار بالذهب وفق اتفاق بريتون وود عام ألف وتسعمائة وأربعة وأربعين 1944
أصبحت دول العالم تكدس الدولار في بنوكها المركزية كعملة احتياطية رئيسية، وسيطر الدولار على نحو ستين في المائة 60% من احتياطات النقد الأجنبي العالمية
إلا أن هيمنة الدولار غالبا ما تمكن أمريكا من استخدام الدولار كسلاح لفرض عقوبات ضد بعض الدول مثلما جمدت الاحتياطات الدولارية لروسيا بعد حربها مع أوكرانيا
كما أن هيمنة الدولار تضر باقتصادات بعض الدول، فمع ارتفاع قيمة الدولار تزداد تكلفة إعادة سداد ديون الدول المقومة به، وترتفع تكلفة شراء المنتجات المستوردة من الخارج خلال المبادلات التجارية العالمية،
وأيضا مع ارتفاع الدولار قد تخرج الاستثمارات من بعض الدول لأمريكا، ما يتسبب في زيادة الطلب على الدولار على حساب العملات المحلية التي تنخفض قيمتها بالتبعية
ولهذا تحاول بعض الدول التقليل من هيمنة الدولار، وهو ما قد يشكل اهتزازا لمكانته الدولية،
فكيف يحدث ذلك؟
الدول التي تحاول الاستغناء عن الدولار في تعاملاتها غالبا ما تعتمد البنوك المركزية فيها على عملة احتياطية بديلة تسمح لها بدعم نظامها المالي المحلي والمشاركة في التجارة والمعاملات الدولية
فمثلا اقترح الرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا"، استخدام دول البريكس عملة موحدة، ما قد يغنيها بالكامل عن استخدام الدولار الأمريكي في التعاملات التجارية بين دول المجموعة
وتحاول مجموعة البريكس أن تكون القطب الأساسي الثاني في الاقتصاد العالمي، الذي يشكل نحو ثمانية وعشرين في المائة 28% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وستة وأربعين في المائة 46% من سكان العالم
وتدخل دول المجموعة في اتفاقيات لاستخدام عملاتها المحلية في التعاملات التجارية مثل البرازيل والصين،
وهناك دول مثل الأرجنتين ومصر أعلنت نيتها في استخدام عملات بديلة عن الدولار في معاملاتهم التجارية مثل اليوان الصيني
وأيضا زادت حصة الروبل واليوان بنسبة خمسة وستين في المائة 65% في التعاملات التجارية بين روسيا والصين
لكن ما التحديات في الاستغناء الكامل عن الدولار؟
نحو خمسين في المائة 50% من التجارة الدولية يتم سدادها بالعملة الأمريكية،ونصف الديون الخارجية للدول مقومة بالدولار،
ولهذا السبب على الدول الراغبة في الاستغناء عن العملة الخضراء إجراء إصلاحات اقتصادية لتلافي زيادة ديونها الخارجية،
مع ضرورة أن تكون العملة البديلة عن الدولار قادرة على أن تحل محله حتى تستطيع كسب ثقة الاقتصاد العالمي،
وحتى لو تمكنت مجموعة البريكس من طرح عملة جديدة ستحتاج هذه العملة مدة طويلة حتى تكسب ثقة العالم وتزداد التعاملات بها، وأيضا تراهن على حدوث انتكاسات في الاقتصاد الأمريكي وفقدان الثقة بالدولار
فعلى سبيل المثال دول الاتحاد الأوروبي احتاجت للانتقال إلى اليورو عقدا من الزمان تقريبا وبالنهاية يظل الدولار الأقوى بفارق ملحوظ عن أقرب منافسيه وهو اليورو الذي تبلغ حصته في الاحتياطيات تسعة عشر فاصل سبعة في المائة 19.7%
وتتوقع وكالة "موديز" أن هيمنة الدولار على التجارة والتمويل الدوليين ستستمر لعقود مقبلة